ن والقلم وما يسطرون ... تأملات قرآنية

" ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) " .. سورة القلم - الأية (1)
تم الإجماع على أن القلم هو أول ماخلق الله وهو القلم الذى يكتب القدر من أول الخلق وحتى يوم القيامة ، فكان تفسير  " والقلم وما يسطرون " أى أن الله يقسم بأول مخلوق خلقه وبما تكتب الملائكة من أعمال العباد.
أما عن " ن " فقد تباين تفسيرها ، فقيل فيها تفسيرات عدة .
1- النون هو نوع  من أنواع الحيتان ، ومن نفس نوع الحوت العظيم الذى التقم سيدنا يونس عليه السلام ، ولذلك عرف سيدنا يونس بذو النون أى صاحب الحوت.
2- النون هو حوت عظيم على تيار الماء العظيم المحيط بالأرض وهو حامل للأرضين السبع .
قال الإمام أبو جعفر بن جرير :حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان - هو الثوري - حدثنا سليمان - هو الأعمش - عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : " أول ما خلق الله القلم قال : اكتب . قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة .
ثم خلق " النون " ورفع بخار الماء ، ففتقت منه السماء ، وبسطت الأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون فمادت الأرض ، فأثبتت بالجبال ، فإنها لتفخر على الأرض .
3- النون هو المحيط الأزلى ، فمن قصة الخلق فى الديانة المصرية أى الديانة الأولى والتى أمن بها المصريون الأوائل ودعى لها نبى الله شيث عليه السلام ، حيث تروى القصة أن أتوم وهو أدم عليه السلام بعد أن خلقه الله خرج إلى الأرض من المحيط الأزلى ، فبذلك فإن الحوت العظيم الذى يحمل الأرضين السبع  والمحيط الأزلى الذى يحيط بالأرض كلاهما يسمى نون.
4- النون عند المصريون الأوائل لها أكثر من معنى فالنون هى المحيط الأزلى أو المياه الأزلية التى خلق منها أدم عليه السلام ومنها خرج إلى الأرض ، وكذلك نون هى المياه المقدسة وتختلف عن كلمة " مو " التى تعنى ماء بالمصرية القديمة ، وكذلك نون تعنى شريعة ، وتعنى أيضا نعمة أو هدية.
5- النون هو لوح من نور والقلم هو قلم من نور ، والملائكة تكتب على اللوح بالقلم ، فيمكن القول بأن النون هو لوح القدر حيث أن الملائكة تكتب بالقلم القدر من أول الخلق وحتى يوم القيامة وتسطر أعمال العباد.
قال ابن جرير : حدثنا الحسين بن شبيب المكتب ، حدثنا محمد بن زياد الجزري ، عن فرات بن أبي الفرات ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( ن والقلم وما يسطرون ) لوح من نور ، وقلم من نور ، يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة " .
6- نون هو الدواة أى المحبرة ، فالنون هى المحبرة التى تحوى الحبر الذى يكتب به القدر.
قال ابن جريج أخبرت أن ذلك القلم من نور طوله مائة عام .
وقيل : المراد بقوله : ( ن ) دواة ، والقلم : القلم .
قال ابن جرير : حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، وقتادة في قوله : ( ن ) قال هي الدواة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا أبو عبد الله مولى بني أمية ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خلق الله النون ، وهي الدواة " .
- " ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ  "
قوله ( والقلم ) الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) [ العلق : 3 - 5 ] . فهو قسم منه تعالى ، وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ; ولهذا قال : ( وما يسطرون ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : يعني : وما يكتبون .
وقال السدي : ( وما يسطرون ) يعني الملائكة وما تكتب من أعمال العباد .
وقال آخرون المراد ها هنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله الطوسي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا رباح بن زيد ، عن عمر بن حبيب ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أول شيء خلقه الله القلم ، فأمره ، فكتب كل شيء " .
والأية قسم من الله تعالى بالنون بكل ما تحمله من معنى وقسم بالقلم الذى كتب به الملائكة أقدار العباد منذ بدء الخليقة وحتى يوم القيامة ، وتكتب به الملائكة أعمال العباد .
تأملات_ف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دمت لي

أصل شعوب العالم